التطور التاريخي للوسائط الفائقة

ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من المستحدثات التكنولوجية التي لها علاقة بالتعليم، ومن هذه المستحدثات الوسائط المتعددة، والنص الفائق، والوسائط الفائقة تزامنا مع استخدام الكمبيوتر في التعليم، ووجود الانترنت، والتعليم المفتوح، وغيرها من مستحدثات التكنولوجيا التعليمية.
وترجع بدايات الوسائط الفائقة إلى فانيفر بوش Bush فمنذ ما يزيد على ستين عاما كتب بوش مقالا بعنوان( كيف نفكر)، حيث حاول إيجاد وسيلة تساعد على إحداث طفرة توافق بين كم المعلومات المتزايد مع سرعة التفكير لدى العقل البشري في الحصول على المعلومة عند طلبها مباشرة دون السير بنمط خطي، معتبرا أن العقل البشري يعمل بصورة غير خطية من خلال ارتباطات متشابكة، وأطلق على هذه الوسيلة(Memex) التي يمكن من خلالها تخزين المعلومات والتحكم فيها بسرعة وسهولة، حيث تسمح للمستخدم بتكوين ارتباطات بين أجزاء المعلومات،(خالد محمود عبد الغني، 1998، 306)، ( محمد رضا البغدادي، 2002، 261).
وتأثرا بأفكار بوش Bush في التجول خلال المعلومات واستعراضها خلال ارتباطات لا خطية واصل (Douglas Engelbard) البحث في معهد ستانفورد، حيث كان يعمل مشغل رادار، وتوصل في عام (1960) إلى مجموعة من الاكتشافات ذات المعنى مثل الفارة، والنوافذ، والبريد الإلكتروني، ومؤتمرات الكمبيوتر، وبيئة العمل المفتوحة المسماة (Augment)، ومفهوم مرشح الرؤية (Viewing Filter)، والذي من خلاله يتمكن المستخدمون من رؤية ملخص سريع للمستند أو الملف.
ويرتبط ظهور الوسائط الفائقة بظهور واستخدام النص الفائق؛ لأن الوسائط الفائقة تقوم على الفكرة نفسها، مع استخدام أكثر من وسيط في التعليم، (كمال زيتون، 2002، 245)، حيث كانت هذه التطورات تتم ونيد نيلسون (Tednelson) يصنع خطوة حرجة، وأساس مهم للوسائط الفائقة، حيث توصل إلى مفهوم النص الفائق (Hypertext) ، وعرفه على أنه الكتابة غير المتسلسلة، مطورا بذلك بيئة الكتابة المسماة (Xanadu)، ويشاركه في ذلك (Andries Van Dam) ، حيث قام أيضا بتغيير نظام (Xanadu) إلى نظام (FRESS) الذي يعني نظام تحرير واسترجاع الملف في أول تطبيق تربوي للوسائط الفائقة في مقرر الشعر التجريبي الذي اشتمل على قصيدة واحدة مع التزويد بالارتباطات والتفاصيل للمعلومات عن القصيدة، مع إعطاء المتعلم إمكانية إضافة الملاحظات، والتعليقات الهامشية، وإحداث نوع من التفاعل، والتشاور بين التلميذ والمعلم (حمدي محمد البيطار، 2001، 37-38).
وفي نهاية الستينات (1968) قام (Van Dam & others) بتعديل وتطوير النص الفعال لإنتاج وثائق مطبوعة تتسم بدقة وكفاءة عاليتين، وقد أطلق فرانك(Frank, 1972 ) تسمية الجيل الأول (First Generation) على نظام النص الفعال الذي يحتوي على النص فقط دون الوسائط الأخرى (السيد شحاتة محمد، 2008، 303).
كما أن أنظمة الوسائط الفائقة عبارة عن تطويرات وإضافات لتقنية النص الفائق ويمكنها التعامل مع البيانات النصية، والوسائط المتعددة، بمعنى دمج البيانات النصية والصور البيانية، والصوت والفيديو، وبهذا تكون الوسائط الفائقة نصوص فائقة التشابك(نص فائق) مع إمكانية التعامل مع الوسائط المتعددة (كمال عبد الحميد زيتون، 2002، 245)، (سيد مصطفى أبو السعود، 1998، 102).
وبدأت حركة تأليف البرامج التعليمية باستخدام الوسائط الفائقة في بداية الثمانينات على الكمبيوترات ذات السعة العالية، وفي نهاية الثمانينات تم ابتكار برامج أدوات التأليف على الكمبيوترات الصغيرة واستخدامها بصورة أكبر في التعليم ، وأمكن المقابلة بين آراء (بوش ودوجلاس ونيلسون) ، والكم الهائل من المعلومات مطردة الزيادة (محمد رضا البغدادي، 2002، 262).