الحاسب الآلي والتعليم:

الحاسب الآلي والتعليم:
لقد اكتسب دور الوسائط في التربية أهمية متزايدة بشكل متسارع بسبب التغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الحديثة ، وبسبب التطورات السريعة في العلم والتكنولوجيا مثل التطور في أشرطة الفيديو والاتصال عن بعد والحاسبات وأن تطبيق مثل هذه التقنية في المشروعات التربوية أصبح من أولويات الأفراد في جميع أنحاء العالم الذين يهتمون بتحسين نوعية التعليم والتعلم ، وتوفير التربية لمن يرغب فيها ويبحث عنها .
ولقد شهدت العقود الثلاثة الماضية زيادة كبيرة في استعمال الحاسبات في التعليم وبخاصة في المدارس والجامعات وأدى هذا الاستخدام إلى حدوث تغير في مقدار التعلم من الكتاب الدراسي والمدرس ومن أمام شاشة الحاسب بالإضافة إلى التغيير في زيادة أهمية بعض المهارات التي يحتاجها الإنسان.
كما ظهرت برمجيات تعليمية كثيرة تتناول موضوعات تعليمية متنوعة ومتوافرة في الأسواق بحيث يسهل الحصول عليها ، وقد بنى هذا الاستخدام على افتراض التعليم من الحاسوب أفضل من التعليم بالطريقة العادية نظرا لكثرة المعلومات والحاجة إلى تخزينها وإعادة استخدامها وفهمها ، واكتساب مهارة كيفية التعلم ، والبحث عن المعلومات.
إن إمكانات الحاسب الواسعة مثل قدرته على إجراء العمليات الحسابية والمنطقية بسرعة هائلة وبدقة وقدرته على الحوار والتفاعل مع المتعلمين ، والقيام بالرسم والمحاكاة والنمذجة وحل المشكلات وغير ذلك من عمليات التفكير ، تجعل الفرد يحاول الاستفادة من هذه الإمكانات في التربية ، ففي الأدب التربوي كثير من الدراسات أظهرت أساليب استخدام الحاسب في عملية التعليم ، ومدى فعالية هذه الأساليب في تحصيل الطلاب ، وأثر اتجاهاتهم نحوها ، فقد أشار بعض الباحثين إلى أن الحاسب يستخدم في التعليم كمادة تعليمية وثقافة حاسوبية وكوسيلة اتصال تعليمية أو مساعدة في التعليم مثل التعليم الخصوصي العلاجي والإثرائى، والتدريب والممارسة، والحوار والألعاب التعليمية ، وحل المشكلات وكوسيلة في الإدارة التربوية . وكوسيلة مساعدة في التعليم مفيد في التعليم المفرد لقدرته على التفاعل مع الطالب باتجاهين وتوفير التعزيز الفوري في البرمجية التي تعرض بأسلوب يتناسب مع سرعة الطالب ونمط تعلمه.
وهناك عدة دراسات أظهرت أن استخدام الحاسوب في التعليم لا يقل فاعلية عن الطريقة العادية المتبعة في التدريس ، وأنه زاد من ثقة الطلاب بأنفسهم . وان استخدام برمجيات التدريب والممارسة زاد من تحصيل الطلاب بدلالة إحصائية، كما أنه يقلل العبء والمسئولية عن المدرس ويوفر من وقته، ويصبح دورة موجها ومشرفا أثناء تعلم الطلاب ذاتيا.
يمكن لأجهزة الكمبيوتر أن تكون بمثابة المعلمين والمتعلمين، بل والأدوات التعليمية أيضا. وحتى وقت قريب، كانت أغلب استخدامات أجهزة الكمبيوتر في المدارس تقتصر على مهمتها كمعلم في العملية التعليمية كما أنها كانت تقوم بدور المتعلم أيضاً، إلى حد قليل، وذلك عندما تعلم الطلاب القيام بعمليات البرمجة بلغات البيسك (Basic) واللوجو (Logo) وفي الوقت الحاضر، ثمة رغبة متزايدة في التركيز على السمات الفريدة للكمبيوتر لدمجه بشكل كامل في الأنشطة التعليمية.
ويتزايد الآن بشكل كبير تصميم المزيد من أنشطة الكمبيوتر التي تخدم أهداف المنهج, على سبيل المثال، فإن لغة اللوجو يتم تدريسها الآن في الغالب كجزء من منهج الرياضيات، وهي تساعد على تحقيق أهداف هذا المنهج. وبالمثل، يتم تصميم المناهج الآن مع الأخذ في الاعتبار أن أجهزة الكمبيوتر لا تعد فقط من الوسائل الجديدة المستخدمة لتحقيق أهداف قديمة، بل أنها تساعد أيضا على تحقيق أهداف جديدة. وربما يتجسد أبرز مظهر لعملية الدمج على هذا المستوى في تصميم مناهج جديدة لم يكن من الممكن تصميمها في الماضي والتي يتلاءم الكمبيوتر معها بأفضل صورة ممكنة على سبيل المثال، البرامج البيئية التي يتم استخدامها، للمرة الأولى، في استغلال المتغيرات البيئية المعقدة المتشابكة. وبذلك، يمكن للمنظومة البيئية الآن أن تتم إعادة تصنيعها بكل ما تحتوي عليه من تعقيد بشكل رمزي، مما يتيح تصميم منهج ملائم لها.
اختلاف الآراء حول دور الحاسب الآلي في التعليم المدرسي:
غالبا ما ينظر إلى الحاسوب على انه وسيلة تساعد على رفع مستوى التحصيل لدى التلاميذ، لكن الجلوس أمام هذا الجهاز لا يعني بالضرورة الاستفادة منه دراسة علمية تثبت وجود آثار سلبية للكمبيوتر في مجال التعليم المدرسي.

يسود الاعتقاد بأن إدخال وسائل التعليم الحديثة مثل الحاسب الآلي إلى المناهج المدرسية يساعد على رفع مستوى التحصيل لدى التلاميذ ويساعدهم على اكتساب مهارات علمية وتدريبية متنوعة, لذلك تحرص إدارات المدارس والجهات التربوية ـ التعليمية وكذلك الأسر على الاستفادة منه وجعله في متناول الأبناء غير أن بعض الدراسات تشير إلى عدم وجود علاقة مباشرة بين هاتين الظاهرتين: حيازة واستخدام الكمبيوتر من قبل التلاميذ ومستوى التحصيل لديهم، بل إن الكمبيوتر قد يساهم، حسب هذه الدراسات، في تدني مستوى التلاميذ وإضعاف قدرتهم العلمية إذا ما أسيء استخدامه.

الباحثان الألمانيان توماس فوكس و لودجر فوسمان قاما بدراسة تطبيقية اعتمادا على نتائج الدراسة الدولية لقياس مستوى التحصيل والمعروفة باسم "بيزا" وتوصلا إلى عدم وجود علاقة مباشرة بين مستوى التحصيل العلمي واستخدام التلاميذ الحاسوب والانترنت.
الحاسب الآلي والتربية الفنية:
لقد كان الحاسوب من المخترعات الالكترونية التي نقلت البشرية إلى مجالات أرحب، حيث تأثرت به مجالات الحياة تأثراً بالغاً كنتيجة للنقلات النوعية التي طرأت عليه، بحيث أصبح جهازاً لا يمكن الاستغناء عنه. ومن الأسباب التي أدت إلى ضرورة استعمال الحاسوب كوسيلة تعليمية لمواجهة التغيرات المعاصرة والتي منها: الانفجار السكاني والمعرفي، وتطور فلسفة التعلم وتغير دور المعلم، وتوافر أجهزة الحاسوب، والحاجة إلى تعلم الحاسوب في كافة مجالات الحياة.
وبالرغم من عيوب التعلم بالحاسوب مثل تكلفته المادية، وحاجته إلى الصيانة، وعدم تناسب البرامج التعليمية والصعوبة في تصميمها، إلا أن هناك الكثير من الدراسات التي دلت على فاعلية استخدامه في العملية التعليمية؛ فهو يؤدي إلى رفع المستوى التحصيلي للطلاب ويؤدي إلى اختصار وقت التعلم، واكتساب الطلبة مهارات تعلم مختلفة , وتعديل اتجاهاتهم نحو التعلم.
والحاسوب ليس مجرد وسيلة تعليمية مثل أي وسيلة أخرى، إن أقل ما يمكن أن يقال عنه: إنه عبارة عن عدة وسائل في وسيلة واحدة، فبالإضافة إلى إمكانية قيامه بوظائف عديدة تؤديها الوسائل الأخرى فهو يقوم بوظائف جديدة يعجز عن تحقيقها بأي أسلوب آخر أيضاً، فالحاسوب يوفر بيئة تعليمية تفاعلية ذات اتجاهين، بمعنى أنه عندما يستجيب التلميذ للحاسوب فإن الحاسوب يقيم استجابة التلميذ هذه ويقوم بإعطاء معلومات محددة له تتعلق باستجابته. ويستطيع التلميذ أن يتعلم من خلال الحاسوب طبقاً لمعدل تعلمه ، وكما يقدم الحاسوب تغذية راجعة فورية للطالب .
واستخدامات الحاسوب وان تعددت يمكن تلخيصها في الآتي:
* استخدام الحاسوب في بنوك الاختبارات .
* استخدام الحاسوب في عرض المعلومات .
* استخدام الحاسوب في المحاكاة والألعاب .
* استخدام الحاسوب في عرض التجارب العلمية المخبرية .
* استخدام الحاسوب في مجال الرسم والتصميم والإبداع الفني .
* استخدام الحاسوب في التعلم الذاتي .
* استخدام الحاسوب في التقويم الشامل لنمو الطلاب .
أما من ناحية توظيف الحاسب الآلي كمنهج حديث في التربية الفنية لوجدنا إهمال وبشكل واضح للاستفادة منه, وكأن الحاسوب لا يمت بأي صلة للتربية الفنية , بالرغم من وجود عدداً من البرامج الخاصة التي تعنى بالفن سواء كانت في مجال التصميم أو الرسم والتلوين كبرنامج الرسام , الفوتوشوب , وغيرها كثير , بل من الممكن القيام بعمل فني متكامل من خلال الحاسب الآلي وبوقت أقل , ناهيك عن الجهد الذي سيكون اقل من ممارسته عملياً.
ومن خلال ما لمسته فترة الإشراف على الطالبات المتدربات في تدريس مادة التربية العملية بالمرحلة الثانوية حيث اتضح أن بعض معلمات التربية الفنية غير قادرات على تحقيق أهداف تدريس هذه المادة. كما أن بعضهم غير ملم بالطرق الحديثة لتدريس هذه المادة عن طريق استخدام برامج الحاسب التي تمكن بتدريس هذه المادة بكفاءة.
على سيبل المثال, تفعيل الحاسب الآلي في مقرر التصميم في قسم التربية الفنية:
إنه من المقررات الإجبارية لطلبة قسم التربية الفنية ولها متطلب سابق هو أسس التصميم.
يفترض أن الخبرات التي يكتسبها الطلبة من هذا المقرر هو الإلمام بمكونات الكمبيوتر وكيفية استخدامه وتوظيفه في مجال الفنون البصرية والتعرف على إمكاناته كأداة تكنولوجية حديثة في مجال الفن ، مع التركيز على استخدام برنامج Photo Shop في التصميم بمختلف فروعة ، بجانب
التدريب على العديد من برامج الرسم بالكمبيوتر بهدف إنتاج أعمال فنية مبتكرة .
ويفترض أيضا أن هذا المقرر صمم لكي يزود الطالب بالمهارات والقيم والاتجاهات الفنية المعاصرة التي يحتاجها لكي يصبح فنان ومربي مواكب لكل جديد في عالم التكنولوجيا ، والتي تعدهم لكي يصبحوا فاعلين في ممارستهم التربوية بما يمكنهم من التعامل الواعي مع المنهج المدرسي والعملية التعليمية .
أهداف تدريس المقرر:
- تزويد الطلاب بالمفاهيم الأساسية للحاسب الآلي التي ترتبط بنموه معرفياً ومهارياً من خلال استخدامه تقنيات الكمبيوتر في تطبيقاته الفنية .
- عمل صياغات عديدة يمكن توظيفها في أعمالهم الفنية .
- تنمية مهارات التفكير الإبداعي في جمع واختيار وتحليل وتقييم عناصر الموضوعات الفنية للوصول لأفضل الحلول للمشكلات الفنية.
- استحداث صياغات وحلول تشكيلية متعددة للوحة الزخرفية والإفادة منها في أعمالهم الفنية.
- الكشف عن دور وإمكانيات الكمبيوتر المتعددة في إثراء تصميم اللوحة الفنية.
فالحاسب الآلي يتيح للفنان أن يطوع امكاناتة المتنوعة كما يستطيع تحقيق الإبداع و الحداثة في نفس الوقت كما يساعد العقل على العمل بطريقة جديدة و منتظمة .
الكمبيوتر يمكن أن يلعب دورا هاما وفعالا في مجال التصميم من حيث التشكيل و الحذف و الإضافة و التوظيف... وإن الاهتمام بعملية التصميم عن طريق الكمبيوتر تزيد من إمكانات الطالب لأنها سوف تعمل على التفكير بطريقة جديدة و سريعة من خلال تحليل الأفكار و تتبعها .
ومن هنا يجب أن يستفيد الفنان ، ومعلم الفن كذلك من كل إمكانات جهاز الكمبيوتر حتى يسايرروح العصر وتقدمة و يواكب هذا التطور السريع وحتى تنعكس على أعمالة الفنية .
كما يستطيع الفنان تخزين أعماله الفنية و استرجاعها و تعديلها في أي وقت يشاء فيستطيع تغيير الألوان أو تحريك الأشكال أو محوها أو أعادة ترتيبها بصورة متكررة دون أتلاف العمل الفني الأصلي كما يمكن الاحتفاظ بمراحل تطور العمل الفني . وهذه المرونة و السرعة في التعامل مع هذا الجهاز لها تأثيرها على أبداع الطالب في إنتاجه الفني .
أخيرا.. إن التعلم الإلكتروني يعتبر أسلوباً فعالاً في التعليم في الوقت الحاضر، حيث لجأت عديد من المؤسسات التعليمية إلى تتبنى هذا النمط من التعليم الذي يزداد يوماً بعد يوم، ويرجع ذلك إلى قناعة المهتمين بأساليب وطرق التعليم بأهمية هذا النمط من التعلم في المستقبل القريب لما له من جوانب تتناسب مع نمط الحياة المستقبلي، لذلك نجد عديد من الجامعات العالمية شرعت بالفعل في تطبيق هذا النمط التعليمي واعتمدته في مختلف التخصصات الأكاديمية، حيث يستطيع التعلم الإلكتروني بما يملكه من قوة ومرونة أن يحسن العملية التعليمية ويحل الكثير والكثير من المشكلات التي يعاني منها النمط السائد حالياً في التعليم، سواء كان ذلك في التعليم العام أو في التعليم الجامعي