التقدم العلمي والتكنولوجي في خدمة المجتمع
ربما يكون هذا السؤال من أكثر ما يؤرق البشرية منذ بات من الواضح أن التقدم العلمي والتكنولوجي كما يمكنه المساهمة في الإسراع بمعدلات التنمية وتحقيق التقدم الإنساني في مجالات كثيرة يمكنه أيضا المساهمة في الدمار عبر إنتاج أسلحة الدمار الشامل وغيرها, كذلك منذ ما بدا ظاهرا للعيان من أن نتاج هذا التقدم العلمي والتكنولوجي يمكن أن يصب لصالح فئات اجتماعية قادرة اقتصاديا فقط مع استبعاد بقية فئات المجتمع. ودفع ذلك بجهود ومبادرات عبر العالم للسعي لضمان أن يكون هذا التقدم موجها دائما لصالح المجتمع بأسره وفي خدمته, سواء كان هذا المجتمع محليا أو إقليميا أو دوليا.
ومن المبادرات التي بزغت سريعا في هذا المجال بالرغم من حداثة عمرها نسبيا المبادرة التي بدأها منذ ستة أعوام أحد كبار السياسيين المخضرمين في اليابان ووزير ماليتها الأسبق والعضو السابق في مجلس النواب بها لعدة دورات' كوجي أومي'. فالسيد' أومي' عقد في أكتوبر2003 الدورة الأولي من' منتدي العلوم والتكنولوجيا من أجل المجتمع' بمدينة كيوتو, العاصمة التاريخية لليابان والتي تحتضن بعض أهم الجامعات اليابانية مثل جامعة كيوتو ومعهد كيوتو للتكنولوجيا وغيرهما. ومنذ ذلك التاريخ تنعقد دورات المنتدي بانتظام في شهر أكتوبر من كل عام بمدينة كيوتو.
والمتتبع لمسيرة منتدي العلوم والتكنولوجيا من أجل المجتمع يدرك مدي الإنجاز الذي حققه عبر السنوات الست الماضية, فصار لا يقتصر في حضوره علي رؤساء وكبار أساتذة أكبر الجامعات في العالم, ورؤساء ومديري مراكز الأبحاث وكبار الباحثين بها, وذلك من مختلف التخصصات التي صارت متشابكة ما بين التربية والتعليم والتكنولوجيا الحيوية وعلوم الاجتماع والأنثروبولوجيا مع علوم الطب والهندسة والصيدلة بتفريعاتها المختلفة, ثم الطبيعة والكيمياء والبيئة, وأخيرا وليس آخرا علوم الإدارة والاقتصاد والعلوم السياسية. بل اتسع نطاق الحضور وتنوع ليشمل رؤساء ومديري الشركات والمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية الكبري عبر العالم, وكذا المكاتب الاستشارية الكبري في مختلف المجالات وشركات التسويق والترويج والعلاقات العامة, والجهات العاملة في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما صار ينظم في إطار المنتدي أو علي هامشه العديد من الفعاليات, منه ما هو أصبح ثابتا ممثلا في' المائدة المستديرة للوزراء المشاركين', والتي صارت تعقد في موعد منتظم هو صباح يوم افتتاح المنتدي وقبل مراسم افتتاحه الرسمي, ومنها ما هو حدث لمرة واحدة مثل الاجتماع الوزاري الياباني الأفريقي لوزراء العلوم والتكنولوجيا, الذي انعقد علي هامش دورة المنتدي عام2008, بحضور وزيرة الدولة للعلوم والتكنولوجيا اليابانية حينذاك والعديد من الوزراء الأفارقة المشاركين في دورة منتدي العلوم والتكنولوجيا من أجل المجتمع لعام2008, وبحضور وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي المصري الأستاذ الدكتور هاني هلال. وكذلك بات ينظم علي هامشه منتدي لصغار العلماء من شباب المخترعين والباحثين والمعنيين بالعلوم والتكنولوجيا من مختلف أنحاء العالم, ويخصص جلسة للتفاعل بين هؤلاء وبين المشاركين من الكبار في أعمال المنتدي. ومن جانب آخر, خصص المنتدي يوما في دورته لعام2008 للحوار بين رؤساء الجامعات في الدول المختلفة, المتقدمة والبازغة والنامية علي حد سواء,
لطرح صيغ للتواصل وأطر للتعاون وترتيبات لتنظيم مؤتمرات وندوات وورش عمل وبحوث مشتركة وتبادل الطلاب والأساتذة والباحثين فيما بين هذه الجامعات. ونتيجة لتوسع المنتدي وذيوع صيته وتصاعد الإقبال علي حضوره, أصبح يخصص موضوعا عاما لدورته لكل عام, فمثلا كان هناك تركيز خلال دورة المنتدي لعام2007 علي التكنولوجيا الحيوية, واستمع إلي مختلف وجهات النظر بشأن كيفية توجيهها لخدمة الإنسانية بشكل عام وضمان استفادة الجميع في الشمال والجنوب والأثرياء والفقراء بدون تمييز من معطياتها, بينما برز التركيز خلال دورتي المنتدي في2008 و2009 علي موضوع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتطورات العلمية والتكنولوجية النوعية والكمية المتلاحقة في إطاره, وفي هذا السياق شاركت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والدولة للبحث العلمي ومكتبة الإسكندرية في تنظيم عرض بمدينتي كيوتو ثم العاصمة طوكيو للكلشراما( وهو العرض الالكتروني الرقمي الثلاثي الأبعاد عن مراحل الحضارة المصرية المتعاقبة) في أكتوبر2008,
وهو ما حظي باهتمام وإقبال كبير من قطاعات واسعة من الجمهور الياباني والمشاركين في فعالياتالمنتدي.
وقد بدأ الدور المصري في هذا المنتدي مبكرا, ومع إنشائه, حيث أن كلا من الأستاذ الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي والأستاذ الدكتور أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل في العلوم والأستاذ الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية أعضاء بمجلس إدارة المنتدي, كما يشارك فيه سنويا كبار المسئولين بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا والمركز القومي للبحوث ومكتبة الاسكندرية والمركز المصري لتحديث الصناعة, بالإضافة إلي عدد من رؤساء وأساتذة الجامعات وعمداء الكليات من مصر, وعدد من رجال الأعمال المهتمين بالترويج والتسويق للمخترعات العلمية والتكنولوجية الجديدة ذات المردود الإيجابي علي المجتمع المصريمثل الدواء والطاقة الشمسية وإنتاج الألياف وغير ذلك.