تطوير التعليم بين ارادة فاعلة وإدارة متميزة

مع اشراقة شمس كل يوم على ارجاء وطننا العربى الحبيب نسمع ونقرأ فى وسائل الاعلام المتنوعة عن حرص وزارات التعليم وتنويه معالى وزير التعليم الى ضرورة الاهتمام بمنظومة التعليم والعمل على تطويرها ، وان الوزارة لا تكل ولا تمل من البحث عن آليات لتطوير النظام التعليمى ، ومن أجل ذلك تعقد الندوات والمؤتمرات ، وما تنفك تلك التوصيات الا وتتحول الى ورق يفضى به الحال والمآل الى مكتبة مدرسة من المدارس المنتشرة كما فى ارجاء المعمورة بعالمنا العربى.صيحات هنا وهناك ومقالات ليل نهار حول ضرورة الاهتمام بتحسين وتعديل حال المعلم وبخاصة لدى الدول الفقيرة فى رواتبها ، وتمر السنون وتبقى الذكريات عالقة فى أذهان المعلم الذى قضى عليه الدهر ولم يبقى له الا شعر ابيض انتشر فى ارجاء رأسه ،وبعد ان انحنى ظهره من طول الوقوف فى الصف وتورمت قدماه واصبح يعانى من دوالى بالقدم ، وارتفع ضغطه ، مازال يحلم فى زمن اصبح الحلم فيه نعمة ، يحلم بأن تتغير حالته ويصبح فى مكانة من لهم مكانة فى مجتمعاتهم الأوربية ،ويبقى الأمل وتتوارثه الأجيال من معلمى الأمس و اليوم والغد .
ان التطوير الحقيقى لمنظومة التعليم فى عالمنا العربى لا يأتى من علاج أورام تأصلت فى تلك النظم وانما يأتى من تغيير جذرى لأركان تلك المنظومه ويكون ذلك عبر خطة حقيقية يتم وضعها حسب امكانات كل مجتمع وقدراته وفى ضوء طموح واضح يتفق مع تلك القدرات والامكانات ، على ان يوضع ذلك فى اطار اهتمام الحكومات وان ينظر الى التعليم نظرة حقيقية باعتباره يمثل قضية أمن قومى من ينهض به يعتبر محافظا على امن بلده ومن يعبث به انما يعبث بأمن بلده ، ولهذا تأتى الصيحة الأولى التى يتحملها النظام السياسى وهى ان تكون لديه اردة حقيقية فاعله تترجم تلك الآليات الى واقع وترصد من الميزانيات ما يجعل الحلم حقيقة ويطرح الفكر على ارض الواقع وان يكون حساب السنين لديه له مردود وقيمة فاعلة وان يشعر أفراد مجتمعه بالأمن النفسى والمادى وبخاصة على مستوى شريحة العاملين ضمن منظومة التعليم .

وتأتى الصيحة الثانية لكى تكتمل منظومة الاصلاح للنظام التعليمى بعالمنا العربى والتى تتمثل فى الادارة المتميزة التى تعرف ماذا تعمل واين تعمل ومتى تعمل ، والمتأمل فى ممارسات الادارات على المستوى المركزى والمحلى فى واقعنا العربى يرى أنماط من الادارة بين فوضوى لا يعرف من أصول الادارة ومهامها اى شيء وان عرف تجده يبرر ممارساته بأن ذلك هو الأصوب وان فى السلبية طريق النجاه له ولغيره ولن ينفع الا ذلك .
ونمط أخر يغلب عليه الديكتاتورية والتصلب فى الرأى وشعارة ( اضرب المربوط يخاف السايب )وبين هذا وذاك نجد شريحة كبرى من المدراء تفتقد الرؤية الواضحة لنظم التطوير .ان الادارة المتميزة هى التى تنطلق فى فكرها من رؤية واضحة وتسعى الى تحقيقها عبر رسالة يسهل ترجمتها على ارض الواقع ، ادارة تجمع أحيانا بين النمط الفوضوى والديكتاتورى والديمقراطى وتعرف متى تستخدم كل نمط من تلك الأنماط ، عندما يصبح المدير مثل الماسترو يقود الفرقة الموسيقية فى تناغم وسلاسه ولا تسمع نشاز فى العزف ، يمكنك ان ترى كذلك المدير وهو يعمل فى اطار جماعى وليس فردى يمتلم من الثقة ما يجعله قادرا على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب ، رصين فى فهمه وفكره محبوب من قبل فريق عمله ، يحب ويحب يسعى ويسعى اليه ، بابه مفتوح للجميع ، يسمع للجميع ، شعاره التميز وهو فى النهاية قائد وليس مدير ، ولن يتحقق ذلك الا عبر تنمية مهنية حقيقية وفاعلة ، واختيار الانسان المناسب فى المكان المناسب وفق قدرات وسمات شخصية تؤهله لكى يكون رمزا نعتز به ونفخر به فى ادارة مؤسساتنا التعليمية ، وقتها فقط يمكن ان نقول اننا نمتلك ادرة فاعلة ومتميزة شعارها التميز ومن خلفه ضمير حى يدفعه الى حب الوطن واحترامه .
اذا تحقق ذلك وقتها نقول ان لدينا نظام تعليمى يمكننا ان نراهن عليه فى سبيل التفوق والبحث العلمى ، نظام يصنع رجال يمكن ان نأتمنهم على أوطاننا العربية ، يكون لهم المكانة والكيان فى كل موقع يعملوا فيه طبيب له ضمير فهو ملاك رحمة لمرضاه ومعلم يعلم للعلم وليس لجمع المال ومحام يدافع لكى يضع الحق فى نصابه وقاضى يحكم بين الناس بالعدل .....الخ .
اننا بحاجة فعلية الى اردة فاعلة وادارة متميزة لكى ننهض من سباتنا
الى الملتقى